كتاب Berxwedana Zeriyan “مقاومة النساء”… صرخة آلاف القصص المجهولة
يسلط كتاب ” “Berxwedana Zeriyanللصحفية روجبين دنيز الضوء على معاناة النساء الإيزيديات وتعرضهن للفرمان بقضاء شنكال في الثالث من آب/أغسطس عام 2014.
خطفنا داعشي تركي، كان يعاملنا كعبيد ليل نهار. ذات يوم قدموا لنا الأرز. كانت هذه هي المرة الأولى التي نأكل فيها طعاماً منذ فترة طويلة. كانوا دائماً يعطوننا الخبز الجاف أو الخبز المتعفن. أعطونا الأرز في ذلك اليوم. وضعنا الطعام أمامنا. نظر ابني إلى الأرز، ثم رفع رأسه ونظر إلي. قال لي، أمي، لنترك هذا العالم. أولاً اقتليني أنا وأختي ثم اقتلي نفسك حتى نتخلص من هذا الجحيم. إذا كنتي لا تستطيعين أن تفعلي ذلك فسأفعله أنا. سأقتلك أنت وأختي أولاً ثم أقتل نفسي. ‘كان ابني يبلغ من العمر 5 سنوات فقط عندما قال هذا. لكن ما اختبره كان صعباً جداً بحيث دفعه أن يقول مثل هذه الكلمات. عانقت ابني وقلت له سنهرب من هذا المكان سوف نعيش بحرية. لقد عانقت كلا طفلي. صلينا معاً لطاووس الملك، وطلبنا منه أن يأتي وينقذنا. لم أجرؤ، لقد فكرت في الأمر عدة مرات، فكرت فيما قاله ابني. قتلت العشرات من الإيزيديات أنفسهن أمام عيني. لقد شاهدت الكثير منهم. لكنني كنت مصرة على العيش، كنت سأتحرر من داعش وكنت سأنتقم لحياتي الأيزيدية…”.
في كتاب “Berxwedana Zeriyan” للصحفية والكاتبة روجبين دنيز، هناك جزء من قصة امرأة تدعى “ستي” التي أُسرت من قبل مرتزقة داعش في الفرمان الـ 74 الذي ارتكب في الثالث من آب/أغسطس عام 2014، عندما كانت تبلغ من العمر 22 عاماً مع ابنتها وابنها. في الكتاب، أصبحت النساء الإيزيديات من خلال قصصهن صوت الإيزيديات المفقودات اللواتي ما زال مصيرهن مجهولاً حتى بعد 9 سنوات من الفرمان. تسلط النساء صاحبات القصص الضوء على الظلام الذي مررن به في الفرمان الـ 74.
قالت الصحفية روجبين دنيز مؤلفة كتاب “Berxwedana Zeriyan” الذي أهدته للنساء الإيزيديات، خلال حوار لها مع وكالتنا، أن الصحفية والأكاديمية ناكيهان أكارسال شاركت بجهد في إعداد الكتاب، لافتةً إلى أن الكتاب تمت كتابته وإعداده بجهود جميع النساء.
وعن النساء اللواتي أصبحن قصصاً بتجاربهن تقول “الحوادث التي عاشتها النساء كانت تمر أمام عيني واحدة تلو الأخرى كما لو كنت قد جربتها. كل امرأة، كل قصة تركت أثراً كبيراً في نفسي”.
يسلط كتابكم الذي نشر مؤخراً ويحمل عنوان “مقاومة النساء ـ قصص نساء أبناء الشمس”، الضوء على قصص النساء اللواتي تم أسرهن من قبل مرتزقة داعش وأنقذهن مقاتلو وحدات حماية الشعب والمرأة. في البداية ما الذي دفعكم لتأليف هذا الكتاب؟
عندما حدث الفرمان الـ 74، كان داعش يستهدف أهالي مدينتي كوباني ومخمور والأكثر خطورة في شنكال، كنا كصحفيين نتابع الوضع في ذلك الوقت. أخبار خطيرة للغاية تأتي من الميدان. يتم الحديث عن قصص النساء اللواتي كن في الجبال وسقطن في أيدي داعش وعانين من ظلم شديد.
كصحفية، أردت أيضاً أن أذهب إلى شنكال. أردت أن أتابع المجزرة التي كانت تحدث، وما الأثر الذي تركه، والآلام والمعاناة التي تسبب بها. عندما ذهبت إلى شنكال، استمعت إلى قصص هؤلاء النساء وما حدث في الفرمان، لقد كان الأمر مؤلماً للغاية، لقد سمعت عما حدث من قبل لكن الأمر كان مختلفاً عندما تواصلت مباشرةً مع الأشخاص الذين عاشوا تلك المعاناة وتحدثوا عما مروا به، كل ما كنت أفكر فيه هي تلك القصص. لم أستطع أن أنسى ما قالوه. كنت أكتب الأخبار وأعد الملفات، لكن هذا لم يكن كافياً بالنسبة لي كما لو كانت أشياء كثيرة مفقودة.
كل كلمة في هذا الكتاب كتب بالجهود المشتركة للنساء الأيزيديات
في ذلك الوقت، أجرينا مناقشة مع الصحفية والأكاديمية ناكيهان أكارسال التي جاءت إلى شنكال وأجرت بعض الأبحاث، عندما أخبرتها أنني سأذهب إلى شنكال قالت لي (تعيش النساء الإيزيديات بعمق كبير فلسفة الإيزيدية، لكن يجب أن يجد المرء طريقة للوصول إليهن، من خلال الفرمان الذي حدث أرادو تدمير وإبادة جذور هذه الفلسفة. اذهبي وتواصلي مع هؤلاء النساء). بقيت كلماتها هذه في ذاكرتي ولم انسها أبداً. بعد أن بدأت بعملية البحث أرسلت القصة الأولى التي كتبتها إلى ناكيهان أكارسال. سألتها كيف وجدتها؟ قرأت القصة ثم ناقشناها معاً. قالت لي (هذه القصة تجعلني متحمسة للغاية، من الضروري جمع هذه القصص وتحويلها إلى كتاب)، حينها قررت تحويل هذه القصص إلى كتاب. كانت الشجاعة التي منحتني إياها مهمة جداً بالنسبة لي.
ثم انطلقت في هذا المسار، واستمعت إلى القصص وجمعتها. أردت أن أجمع ما حدث في جبال شنكال، تلعفر، الموصل، الرقة، الطبقة، دير الزور، وكل الأماكن التي ذهب إليها الإيزيديات خلال الفرمان، في الكتاب. لقد سمعنا أنه كانت هناك مجزرة شنت ضد الإيزيديات لكن ما عانته هؤلاء النساء وكيف كن تشعرن في تلك اللحظة لم يكن معروفاً. أردت أن أكتب ذلك بكل تفاصيله، ما تم التعرض له ومعايشته في أكثر حالاته تجريداً وانفتاحاً. لم يكن كتابي، بل كان كتاب كل النساء الإيزيديات. يمكننا القول إنه كان عملاً مشتركاً. كتبت النهاية فقط.
اختيار اسم الكتاب تم بالتعاون مع الإيزيديات
أخيراً، بعد أن جمعنا كل القصص وأعدناها، وصلنا إلى مرحلة وضع اسم للكتاب. في البداية قلت إنه يجب أن يسمى “لقد صنعت عش طائر من شعري المحنا”. لأنه في شنكال، في السوق القديم، عندما جمعوا النساء وأخذوهن، قاموا بجرهن من شعرهن. لقد تساقط كل شعرهن على الأرض. جمعت الطيور تلك الشعرات من على الأرض وصنعت لنفسها أعشاشاً. في ذلك الوقت، كونت الطيور صداقات مع هؤلاء النساء. هذا يعني الكثير بالنسبة لي. ولكن بعدما أجرينا بعض المحادثات مع العديد من النساء حول الاسم توصلنا إلى أنه يجب يكون “Berxwedana Zeriyan” أي مقاومة النساء، فـ “الزري” تعني المرأة في المجتمع الإيزيدي، أصل الكلمة يأتي من الولادة. كان اقتراح هذا الاسم شيئاً جميلاً جداً بالنسبة لي. لأنني أردت أن يكون هذا الكتاب كله عن الإيزيديات.
كنت أريد أن تكون صورة الغلاف تعبر وتصف فلسفة الإيزيدية. تم اختطاف واغتصاب الإيزيديات لمجرد كونهن نساء. قمت بتضمين البحث الذي قمت به حول الفلسفة الإيزيدية. أردت أن يتم معرفة أن النساء الإيزيديات اللواتي تعشن وتمنحن الحياة، تعرضن لإبادة جماعية بسبب تلك الفلسفة. كنت أرغب في إظهار ذلك بالصورة الموجودة على الغلاف. يوجد بالفعل ضفيرة شعر امرأة في صورة الغلاف. في الماضي اعتادت النساء على وضع أشكال طاووس وأشياء طبيعية وجميلة في مجوهراتهن من أجل الجمال والزينة. أردت أيضاً إحيائها بهذه الطريقة. المرأة التي تجري نحو الشمس تعني أيضاً الأمل، وتعني البناء ومقاومة المرأة الإيزيدية.
تاريخ الفرمانات هو تاريخ جميع النساء
إن التاريخ المعاش ليس تاريخ اليوم ولا الأمس ولا منذ مئات السنين. تاريخ الفرمانات هو تاريخ جميع النساء. كان كل شيء مخفياً، وتم تغطية كل شيء والتستر عليه. لم يكن هناك شيء مكتوب. تم الكشف عن هذه المجزرة وإظهار حقيقتها من خلال الإعلام الحر. لهذا السبب، كان من الضروري إنشاء بعض المستندات والوثائق الأخرى عنها. كان لابد من توثيقها من خلال السينما والأدب والفن. كتاب Berxwedana Zeriyan هو أيضاً جزء أدبي من هذه الدراسة، وسيبقى كوثيقة للتاريخ.
في كتابكم عبرتم عن مشاعر النساء اللواتي تعرضن للفرمان، التي قد لا يتمكنون من التعبير عنها أبداً. من بين كل هذه القصص، ما هي أكثر القصص التي أثرت عليكم؟
“كل امرأة وكل قصة تركت أثراً كبيراً عليّ”
لم يكن من السهل الحصول على هذه القصص. لأنك تعيش واقعاً صعباً ومؤلماً للغاية ليس من السهل التعبير والتحدث عنه. فليس بالأمر السهل أن يظهر شخص ما أمامك مباشرةً ويقول لك أخبرني بقصتك. لذلك، كان من الصعب جداً إقناع هؤلاء النساء. وقد أستغرق ذلك وقتاً. لكن عندما قلت إن هذه ستكون وثيقة للتاريخ ستبقى وستكون الوسيلة التي يجب من خلالها التحقيق في هذه المجزرة، اقتنعن بسرد قصصهن. كما أنه عندما تشعر بهن فإنهن تردن مشاركة قصصهن وما مررن به وتعرضن له. لهذا السبب كانت هذه لحظة مهمة للغاية بالنسبة لي. حاولت حقاً أن أشعر بكل امرأة أستمع إليها من أعماق قلبي. الحوادث التي عاشتها النساء كانت تمر أمام عيني واحدة تلو الأخرى كما لو كنت قد جربتها. كل امرأة، كل قصة تركت أثراً كبيراً في نفسي”.
آلام لا توصف
عندما أتيت لأول مرة إلى شنكال، سألت الأمهات ماذا حدث لهن في الفرمان جميعهن كن تقلنّ “لا يوجد شيء أسوء مما تعرضنا له، لقد أطعموا لحوم الأطفال لأمهاتهم”، بالنسبة لي، كان هذا شيئاً غريباً جداً، كان مؤلماً. كنت أقول إننا في القرن الحادي والعشرين، نعم، صحيح أن داعش متوحش وقاس، عدو متجذر، في الماضي كان العثمانيين، واليوم الدولة التركية هي التي تقوم بالقمع وهذه الحقائق معروفة بالفعل. أما إطعام لحم طفل لأمه، إنها كارثة ومأساة مختلفة.
كانت تلك قصة امرأة تدعى “بيريتان” وهي أم لا تفهم العربية أو تتحدث بها، كان المرتزقة دائماً يضغطون عليها ويطلبون منها باللغة العربية، إسكات طفلها البالغ من العمر 40 يوماً، حيث كان يبكي من الجوع. لم تكن تفهم تلك الأم ما يقولونه، لقد شاهدت بيريتان من ثقب صغير كيف أخذ المرتزقة طفلها وذبحوه وبعد فترة جاءوا بلحمه لوالدته، تم تقطيع جسد الطفل أمام عينيها. أنه ألم لا يمكن للمرء وصفه.
بحلول الذكرى التاسعة للفرمان الـ 74 الذي يبدوا وكأنه حدث بالأمس، من المسؤول عن ارتكاب الإبادة الجماعية واستمرار تلك السياسة ضد المجتمع الإيزيدي؟
من الواضح جداً أن هناك أسس داعش وقام بتوجيهه إلى شنكال. هناك عدو متجذر. بالأمس كان يسمى العثمانيين، واليوم يسمى الدولة التركية، حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية هم من فعلوا هذا. كان عدائهم للكرد وجذور الكرد سبب هذا الفرمان. الأمر الآخر هنا هو أن الحزب الديمقراطي الكردستاني قدم مساهمة كبيرة للدولة التركية لتدمير الكرد، ولا زالوا مستمرين في سياستهم حتى يومنا هذا.
كشف الفرمان الـ 74 الوجه الحقيقي للحزب الديمقراطي الكردستاني
إن شنكال والفرمان الـ 74 كشف الوجه الحقيقي للحزب الديمقراطي الكردستاني. تم الكشف عن نهجه الكرد المجتمع الإيزيدي، لم يعد هناك غطاء يستر عما فعله في الماضي. كانوا ينفذون عملية خاصة من خلال الفن والإعلام، أرادوا التستر على هذه الحقيقة. من الواضح أن الحزب الديمقراطي الكردستاني لم يعد بإمكانه التعامل مع هذه المسألة والتستر عليها وإخفائها. يجب أن نقول أنه كان لهم يد في هذا الفرمان. حدث ذلك بسبب خيانتهم. في غضون يوم واحد غادرت كل تلك القوة الكبيرة قضاء شنكال عندما تقدم داعش، تم جمع كل الأسلحة وغادروا دون حتى النظر إلى الوراء، كما أنهم قتلوا الأشخاص الذين صادفوهم في الطريق وقالوا لهم “إذا كنتم ستغادرون، أتركوا لنا أسلحتكم لنقاتل بها وندافع عن أنفسنا”. بعد المغادرة، أغلقوا جميع الطرق المؤدية إلى إقليم كردستان واحدة تلو الأخرى. ولم يفتحوا الطريق للأشخاص الذين يريدون إنقاذ أنفسهم.
أصبح مقاتلو YPG وYPJ والكريلا أملاً
لقد تحدثت هؤلاء النساء عن الدور الكبير الذي لعبه مقاتلو وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة وقوات سوريا الديمقراطية في إنقاذهم. كما أن ذهاب مقاتلي قوات الدفاع الشعبي HPG ووحدات المرأة الحرة YJA-STAR إلى شنكال ووقوفهم في وجه الفرمان، قد خلق أملاً كبيراً.
حالياً يبذل الحزب الديمقراطي الكردستاني جهوده للقضاء على هذا الأمل ولكن دون جدوى، على سبيل المثال، يقوم باختطاف النساء اللواتي تم إنقاذهن من أيدي داعش واحدة تلو الأخرى ويرسلهن إلى أوروبا. تم توزيعهم جميعاً في الدول الأوروبية. هذه أيضاً سياسة، واستمرار للفرمان. هؤلاء النساء اللواتي تم تحريرهن من أيدي داعش، تم إبعادهن تحت مسمى “إعادة التأهيل” والعلاج النفسي، يريدون إبعادهن عن موطنهن وعقيدتهن لإخفاء حقيقة ما تعرضن له في ذلك الفرمان.
أحيت كل من العقيدة الإيزيدية وأفكار القائد أوجلان آمال النساء
كيف استطعتم إبراز نضال النساء اللواتي حولن آلام حياتهن إلى وعد بالانتقام بقصصهن من خلال الكتاب؟
في عام 2014، عانت النساء الإيزيديات من اليأس الشديد عندما كن تمشين في جبال شنكال. عندما وصلت مقاتلات الكريلا، خلق لديهن أمل كبير. هذه الحقيقة موصوفة أيضاً في هذه القصص. فأي امرأة تذهب إليها في شنكال تجد أن هناك حماس وأمل في عيونها. سمح هذا الأمل لشنكال ببناء نفسها. لقد نظمت النساء أنفسهن تحت راية حركة حرية المرأة الإيزيدية “TAJÊ” وتمتلكن قوة دفاعية خاصة بهن، صمدت هؤلاء النساء على أمل أن تتمكن من إنقاذ أنفسهن من المرتزقة. في شنكال، هاتان الحقيقتان اللتان أثارتا الأمل أصبحت واحدة.
هذا الكتاب هدية لجميع النساء الإيزيديات
أخيراً، أود أن أقول إن هذا الكتاب ملك كل النساء الإيزيديات. هنا أود أن أستذكر الصحفية والأكاديمية ناكيهان أكارسال التي أرشدتني إلى الطريق ومنحتني شجاعة، وكل من قدم لي الدعم. هذا الكتاب هدية لجميع الإيزيديات.